صالح الطريقي
الرياضة النسائية .. موضوع الحديث عنه أشبه بالمشي على الألغام لأسباب لا أستطيع تفسيرها بشكل دقيق وواضح فالمعارضون يرون أن فتح باب الرياضة للمرأة هو بداية للفساد ، لهذا يرون أن سد الباب أفضل ، ومن باب الفضيلة يتم حرمان المرأة من ممارسة الرياضة في المدارس .غالبية المؤيدين يطالبون بأن تمارس المرأة الرياضة ليسجلوا انتصارا على من يمكن تسميتهم (بأصحاب سد الأبواب) ، ولكن ماذا عن المرأة ما رأيها في قضية تهمها وتعنى بها ؟ صوت المرأة شبه غائب ومغيب كالعادة ، رغم أن الأمر يهمها هي ، وهي من يجب أن تتحدث عن هذا الأمر وهل هي بحاجة للرياضة أم لا ؟وماذا عن الأمراض التي يصاب بها الإنسان بسبب عدم ممارسته الرياضة كالسكر وأمراض القلب والسمنة ، هل هي متفشية أم لا ؟هذه الأسئلة لا يوجد إجابة دقيقة عليها فلا يوجد دراسات وبحوث أجريت على المدارس لتحدد لنا هذا ، وإن كانت هناك دراسات في أمريكا عنا (تقول إن عدد المصابين بمرض القلب تجاوزوا 16 ألفا سنويا ، ونسبة السمنة في السعودية تقريبا 24% للرجال ، مقابل 40% للمرأة) .ـ أليس غريبا أن تأتي الإحصائيات عنا من الخارج ، ترى هل هم يعرفوننا أكثر مما نعرف أنفسنا ، أم أن المعلومات لدينا شحيحة أولا يمكن لك أن تجدها بسهولة إن لم تحضر خطابا ؟كما يحدث لك حين تذهب لمكتبة جامعة الملك سعود ، وتبحث في الكمبيوتر عن كتاب ما ، فتجد مكتوبا بجانبه حرف (م) ، أي ممنوع تداوله ، وإن استفسرت قيل لك يجب أن تكون شخصا يقدم رسالة دكتوراه ليسمح لك برؤيته ، وإن كنت باحثا يجب أن تحضر خطابا من جهة أمنية لنسمح لك برؤية كتاب (الطواسين) للحلاج الذي توفي قبل 1100 عام ، فتضطر لقطع تذكرة سفر لتشتريه كحل أسهل .يبدو أني خرجت عن الموضوع قليلا ، سأعود للموضوع وإن كنت أرى أن الحديث عن الرياضة النسائية أمر أخطر من الحديث عن الكتاب ، فهو كما قلت أشبه بالمشي على الألغام ، وبما أني لا أحب المشي بهذه الطريقة حتى لا يلعنني البعض بحثا عن حسنات ، سأتحدث عن الرياضة وما الذي يمكن لها أن تقدمه لنا ، وكيف يمكن تعاطيها بغض النظر من الذي يتعاطاها الشاب أم الفتاة .أثبتت كل البحوث التي أجريت في الشرق وفي الغرب (باستثناء الشرق الأوسط) ، أن الموظف/العامل /الموظفة /العاملة الذي يمارس الرياضة أكثر إنتاجية في عمله ممن لا يمارس الرياضة ، أي أن ممارسة الرياضة ترفع إنتاجية واقتصاد أي دولة ، وبالتأكيد سترفع متوسط دخل الفرد ومستوى معيشته .إذن الرياضة مهمة جدا بالنسبة للمجتمع ، ولكن كيف يتم تعاطي الرياضة ؟هناك طريقتان لتعاطي الرياضة ، فهناك من يكرس حب ممارسة الرياضة في المجتمع لمجرد الرياضة ، أي هي بعيدة عن التنافس ولا دخل للفوز أو الانتصار بها من قريب أو بعيد ، وربما الدول الاسكندنافية في أوربا هي من يتسيد هذا التوجه ، فيحببون الطفل بالرياضة ويرفعون مستوى وعي الفرد بقيمة الرياضة له ولصحته قبل أن تكون مهمة للمجتمع في الإنتاج .وهناك من يأخذها بشكل تنافسي ، لينقل (ثقافته) أو ليثبت للعالم أنه الأفضل ، وهذا ما كان يحدث بين أمريكا والاتحاد السوفيتي في حربهما الباردة في الأولمبياد ، وكان العالم يتفرج على مدى إتقان هاتين الدولتين في صناعة السوبرمان .فيما بعد دخل الاقتصاد مستغلا للرياضة ليحولها لسلعة ، فروج لها واستطاع تحويلها إلى سلعة يتعاطاها المستهلك .هذه هي الرياضة ، يمكن لها أن تقدم ما تريد ، وعيا بأهمية ممارسة الرياضة ، تنافسا ، إرسال رسالة للمجتمعات الأخرى بأن ثقافة هذا المجتمع قادرة على صنع الرجل السوبرمان فيؤمنوا بثقافتك ، يمكن لها أن تكون مخدرا للشعوب ، فتوجد له مشاكل عوضا عن أزماته الاقتصادية ، كهزيمة فريقه المفضل وأزمات اللاعب مع الرئيس أو الحكم أو المدرب .بعبارة أصرح الرياضة يمكن لها أن تعطيك ما تريد ، ولكن نحن ما الذي نريده ؟
* نقلا عن جريدة "الرياضية" السعودية
|