الجواب :
الحمد لله
ليس
للمرأة المسلمة لون خاص لثياب خروجها يتحتم عليها اختياره ، فلها أن تلبس ما شاءت ،
ولكن بشرط أن لا يكون زينة في نفسه ، كأن يكون مزخرفا أو مطرزا أو لامعا ، فيلفت
إليها أنظار الرجال فيثير الفتنة .
فإذا خرجت المرأة فإنها تتقيد في لباسها في الجملة بما يحفظ عليها عورتها ، ويصونها
عن أعين الرجال ، ولا يلفت الأنظار إليها ، ولا تشبه فيه الرجل ، ولا الكافرة ، ولا
الفاسقة ، ولا تخرج عن عادات نسائها في هيئته أو لونه .
فإن
هي فعلت ذلك جاز لها الخروج بأي لون كانت عليه ثيابها .
وانظر إجابة السؤال رقم : (72878)
، (39570)
.
وقد
روى البخاري (5825) عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيَّ طَلَّقَ
امْرَأَتَهُ فَتَزَوَّجَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الزَّبِيرِ الْقُرَظِيُّ ،
قَالَتْ عَائِشَةُ : وَعَلَيْهَا خِمَارٌ أَخْضَرُ ، فَشَكَتْ إِلَيْهَا
وَأَرَتْهَا خُضْرَةً بِجِلْدِهَا ، فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنِّسَاءُ يَنْصُرُ بَعْضُهُنَّ بَعْضًا قَالَتْ عَائِشَةُ :
" مَا رَأَيْتُ مِثْلَ مَا يَلْقَى الْمُؤْمِنَاتُ لَجِلْدُهَا أَشَدُّ خُضْرَةً
مِنْ ثَوْبِهَا ... الحديث " .
فهذا الحديث يدل على جواز لبس المرأة الحجاب الأخضر ، وأن ذلك لا يكون زينة .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل يجوز للمرأة أن تتحجب بلباس أبيض أو أخضر أو
غيره من الألوان إذا كان هذا عادة عند قومها ، خاصةً إذا حوربت من بعض الجهات إن هي
لبست جلباباً أسود ؟
فأجاب : "لا بأس - إذا كان هذا عادة أهل البلد - أن تلبس الثياب البيض ، لكن ليس
على شكل ثياب الرجال ، واللون لا عبرة به ، لكن بشرط : أن يتميز ثوبها عن ثوب الرجل
، أما إذا لم يكن من عادة بلدها فإن الواجب أن تتبع عادة أهل البلد ، تلبس الثياب
السود أو الخضر أو الحمر حسب العادة وتغطي جميع وجهها" انتهى .
"اللقاء الشهري" (66/26) .
وسئل رحمه الله : لبس الثوب الأخضر أو الأصفر أو غيرهما من الألوان للمرأة في الحج
ما حكمه ؟
فأجاب : "لا بأس على المرأة أن تلبس ما شاءت من الثياب بأي لون كان إلا ما يعد
تبرجاً وتجملاً فإنها لا تفعل ؛ لأنها سوف تلاقي رجالاً ويشاهدها الرجال ، وقد قال
الله تعالى :
(وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولَى) فمثلاً : الثوب الأبيض يعتبر
في عرفنا نحن من ثياب الجمال بالنسبة للمرأة ، فلا تلبس المرأة في حال الإحرام
ثوباً أبيض ؛ لأن ذلك يلفت النظر إليها ويرغب النظر إليها ؛ ولأن المعروف عندنا أن
الثوب الأبيض بالنسبة للمرأة ثوب تجمل ، والمرأة مأمورة بأن لا تتبرج في لباسها"
انتهى .
"جلسات الحج" (ص 45) .
وقال الشيخ الألباني رحمه الله في "جلباب المرأة المسلمة" (ص121-124) :
"واعلم أنه ليس من الزينة في شيء أن يكون ثوب المرأة الذي تلتحف به ملونا بلون غير
البياض أو السواد كما يتوهم بعض النساء الملتزمات ، وذلك لأمرين :
الأول : قوله صلى الله عليه وسلم : ( طيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه . . . ) .
والآخر : جريان العمل من نساء الصحابة على ذلك ، وأسوق هنا بعض الآثار الثابتة في
ذلك مما رواه الحافظ ابن أبي شيبة في (المصنف) (8/371 - 372) :
1 -
عن إبراهيم وهو النخعي أنه كان يدخل مع علقمة والأسود على أزواج النبي صلى الله
عليه وسلم فيراهن في اللحف الحمر .
2 -
عن ابن أبي مليكة قال : رأيت على أم سلمة درعا وملحفة مصبغتين بالعصفر .
3 -
عن القاسم - وهو ابن محمد بن أبي بكر الصديق - أن عائشة كانت تلبس الثياب المعصفرة
وهي محرمة .
وفي
رواية عن القاسم : أن عائشة كانت تلبس الثياب الموردة بالعصفر وهي محرمة .
4 -
عن هشام عن فاطمة بنت المنذر أن أسماء كانت تلبس المعصفر وهي محرمة .
5 -
عن سعيد بن جبير : أنه رأى بعض أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم تطوف بالبيت
وعليها ثياب معصفرة" انتهى .
فإذا كانت المرأة في بلد يعتاد نساؤه لبس اللون الأخضر أو غيره من الألوان ولا
يعدون ذلك زينة ملفتةً لنظر الرجال فلا حرج عليها في لبسه .
مع
التنبيه أن أفضل ما تلبسه المرأة هو اللون الأسود ، لما فيه من زيادة الوقار
والحشمة والابتعاد عن الزينة ، وكان هذا هو الغالب على نساء الصحابة رضي الله عنهم
.
فقد
روى أبو داود (4101) عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قَالَتْ : لَمَّا
نَزَلَتْ : (يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ) خَرَجَ نِسَاءُ
الأَنْصَارِ كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِهِنَّ الْغِرْبَانَ مِنْ الأَكْسِيَةِ . صححه
الألباني في صحيح أبي داود .
قال
علماء اللجنة الدائمة للإفتاء (17/110) : "وهو يوحي بأن ذلك اللباس أسود اللون"
انتهى.
والله أعلم